أصبحت خرجاتُ عدد من الفنانين وهم يدافعون عن الأحزاب التي انخرطوا فيها بأسلوب مستفزّ، وفي الغالب غير مقنع، تثير جدلاً واسعًا بين المغاربة.
من فاطمة خير إلى كليلة بونعيلات ثم الجيراري، بدا كثير من هؤلاء الفنانين أنفسهم غير مقتنعين بما يقولونه، إذ تتسم تصريحاتهم بالتقطيع والتكرار، بعيدة كل البعد عن لغة سياسية متماسكة أو خطاب فني متقن، وكأنها جمل منقطعة تُلقى دون إعداد مسبق أو رؤية واضحة، مع ميل كبير إلى المديح المبالغ فيه.
كلمات هؤلاء الفنانين، رغم نواياهم التي لا يتدخل فيها أحد، والتي قد تكون طيبة، تأتي عامة وغير محددة، ويشوبها نوع من النبرة التعليلية التي لا تصنع حوارًا مقنعًا مع الرأي العام، كما أن الجمل المتقطعة التي يستعملونها تفتقد إلى العمق والتحليل، ما يترك المستمع في حالة من الحيرة أحيانًا بين المغزى والرسالة.
كما يبقى الحديث عن الإنجازات بعيدًا عن تجربة المواطن اليومية، إذ أن الرسالة تبدو أكثر توجيهًا للتسويق السياسي منها لمخاطبة هموم الناس على الأرض، لتصل للمواطن مباشرة فكرة أنهم يتحدثون انطلاقاً مما ينعمون به من امتيازات، لا من واقع وصلب حياة المواطن فعلا.
تصريحات هؤلاء، تأتي أحيانا على شكل سرد قصصي منفصل عن خطاب سياسي أو فني متكامل، ما جعل المتلقي يشعر أحيانًا بتباين بين الرسالة والمضمون، وكأن الفنان يُوظف اسمه للترويج للحزب أكثر من التعبير عن رؤية حقيقية أو مشروع ملموس.
مع ذلك، من المهم التأكيد على أن انتماء الفنانين للأحزاب السياسية هو حق دستوري لهم، مثل أي مواطن مغربي آخر. فالحرية السياسية والمشاركة في الحياة العامة مكفولة للجميع، والفنان ليس استثناءً.
على هذا الأساس، يجب أن يُنظر إلى هذا الانخراط، من جهة أخرى، كجزء من ممارسة حقوقهم المدنية، وليس بالضرورة مؤشرًا على فقدان الحياد أو المهنية الفنية، بل كخيار شخصي للتأثير في الشأن العام والمساهمة في صناعة القرار.
الملخص أن هذه الظاهرة تعكس تحديًا حقيقيًا: الفنانون، رغم شهرتهم وجاذبيتهم الجماهيرية، ليسوا دائمًا مجهزين لتقديم خطاب سياسي مقنع، وحين يحاولون ذلك بطريقة غير مدروسة تتحول تصريحاتهم إلى نصوص متقطعة تثير التعليقات الساخرة أو النقدية بين المغاربة. و
لعل السؤال الكبير الذي يطرحه هذا المشهد هو: هل يجب أن يظل الفنانون مجرد واجهة للتواصل الحزبي، أم عليهم أن يكتسبوا أدوات ومهارات تمكنهم من التعبير عن قضايا المجتمع بطريقة أكثر فاعلية ومصداقية، مع احترام حقهم الطبيعي في الانخراط السياسي؟
